{إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)}قوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} أي تشققت بأمر الله، لنزول الملائكة، كقوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25].وقيل: تفطرت لهيبة الله تعالى. والفطر: الشق، يقال: فطرته فانفطر، ومنه فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطر الشيء: شقق، وسيف فطار أي فيه شقوق، قال عنترة:وسيفي كالعقيقة وهو كمعي *** سلاحي لا أفل ولا فطاراوقد تقدم في غير موضع. {وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ} أي تساقطت، نثرت الشيء انثره نثرا، فانتثر، والاسم النثار. والنثار بالضم: ما تناثر من الشيء، ودر منثر، شدد للكثرة. {وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ} أي فجر بعضها في بعض، فصارت بحرا واحدا، على ما تقدم. قال الحسن: فجرت: ذهب ماؤها ويبست، وذلك أنها أولا راكدة مجتمعة، فإذا فجرت تفرقت، فذهب ماؤها. وهذه الأشياء بين يدي الساعة، على ما تقدم في {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]. {إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} أي قلبت وأخرج ما فيها من أهلها أحياء، يقال: بعثرت المتاع: قلبته ظهرا لبطن، وبعثرت الحوض وبحثرته: إذا هدمته وجعلت أسفله أعلاه.وقال قوم منهم الفراء: بُعْثِرَتْ: أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة. وذلك من أشراط الساعة: أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ مثل: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13]. وتقدم. وهذا جواب إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ لأنه قسم في قول الحسن وقع على قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} يقول: إذا بدت هذه الأمور من أشراط الساعة ختمت الأعمال فعلمت كل نفس ما كسبت، فإنها لا ينفعها عمل بعد ذلك.وقيل: أي إذا كانت هذه الأشياء قامت القيامة، فحوسبت كل نفس بما عملت، وأوتيت كتابها بيمينها أو بشمالها، فتذكرت عند قراءته جميع أعمالها.وقيل: هو خبر، وليس بقسم، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.